كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فوجب التذكير. فلذلك قال تعالى: {فذكر} أي: عظ يا أشرف الخلق بالقرآن ودم على ذلك ولا ترجع عنه لقول المشركين لك كاهن ومجنون {فما أنت بنعمة ربك} أي: بسبب ما أنعم به عليك المحسن إليك من هذا الناموس الأعظم بعد تأهيلك له بما هيأك به من رجاحة العقل وعلوّ الهمة وكرم الفعال وجود الكف وطهارة الأخلاق، وجعلك أشرف الناس عنصرًا وأكملهم نفسًا وأزكاهم خلقًا وهم معترفون لك بذلك قبل النبوّة. وأكد النفي بقوله تعالى: {بكاهن} أي: تقول كلامًا مع كونه سجعًا متكلفًا أكثره فارغ وتحكم على المغيبات من غير وحي {ولا مجنون} أي: تقول كلامًا لا نظام له مع الإخبار ببعض المغيبات فلا يفترك قولهم هذا عن التذكير فإنه قول باطل لا تلحقك به معرة أصلًا، وعما قليل يكون عيبًا لهم لا يغسله عنهم إلا اتباعهم لك فمن اتبعك منهم غسل عاره ومن استمرّ على عناده استمرّ تبابه وخساره.
تنبيه:
نزلت هذه الآية في الذين اقتسموا عقاب مكة يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكهانة والسحر والجنون والشعر.
{أم يقولون} أي: هؤلاء المقتسمون {شاعر} أي: هو شاعر قال الثعلبي: قال الخليل: كل ما في سورة والطور من أم فاستفهام وليس بعطف، وقال أبو البقاء: أم في هذه الآيات منقطعة وتقدم الخلاف في المنقطعة هل تقدر ببل وحدها أو ببل والهمزة أو بالهمزة وحدها، والصحيح الثاني. وقال مجاهد: في قوله تعالى: {أم تأمرهم} (الطور).
تقديره: بل تأمرهم {نتربص} أي ننتظر {به ريب المنون} أي: حوادث الدهر وتقلبات الزمان لأنها لا تدوم على حال كالريب وهو الشك فإنه لا يبقى بل هو متزلزل قال الشاعر:
تربص بها ريب المنون لعلها ** تطلق يومًا أو يموت حليلها

وقال أبو ذئب:
أمن المنون وريبها تتوجع ** والدهر ليس بمعتب من يجزع

والمنون في الأصل: الدهر، وقال الراغب: المنون المنية لأنها تنقص العدد وتقطع المدد، والمعنى: بل يقولون يعني هؤلاء المقتسمين الخراصين شاعر نتربص به ريب المنون حوادث الدهر وصروفه، وذلك أنّ العرب كانت تحترز عن إيذاء الشعراء فإنّ الشعر كان عندهم يحفظ ويدوّن فقالوا لا نعارضه في الحال مخافة أن يغلبنا بقوة شعره وإنما نصبر ونتربص موته ويهلك كما هلك من قبله من الشعراء وتتفرّق أصحابه فإنّ أباه مات شابًا ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه، والمنون يكون بمعنى الدهر وبمعنى الموت سميا بذلك لأنهما يقطعان الأجل.
ثم إنه تعالى أمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بقوله: {قل} أي: لهؤلاء البعداء {تربصوا} أي انتظروا بي الموت ولم يعرج على محاججتهم في قولهم هذا تنبيهًا على أنه من السقوط بمنزلة ما لا يحتاج معه إلى ردّ بمجادلة، ثم سبب عن أمره لهم بالتربص قوله: {فإني معكم من المتربصين} أي: العريقين في التربص وإن ظننتم خلاف ذلك وأكده تنبيهًا على أنه يرجو الفرج بمصيبتهم كما يرجون الفرج بمصيبته، وأشار بالمعية إلى أنه مساوٍ لهم في ذلك وإن ظنوا لكثرتهم وقوّتهم ووحدته وضعفه أن الأمر بخلاف ذلك.
قال القشيري: جاء في التفسير أنّ جميعهم أي الذين تربصوا به ماتوا قال ولا ينبغي لأحد أن يؤمل نفاق سوقه بموت أحد لتنتهي النوبة إليه فقلّ من تكون هذه صفاته إلا وسبقته المنية ولا يدرك ما تمناه من الأمنية.
فإن قيل: هذا أمر للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولفظ الأمر يوجب المأمور به أو يبيحه ويجوّزه وتربصهم كان حرامًا. أجيب: بأنّ ذلك ليس بأمر وإنما هو تهديد أي تربصوا ذلك فإني متربص الهلاك بكم كقول الغضبان لعبده افعل ما شئت فإني لست عنك بغافل.
{أم تأمرهم} أي: تزين لهم تزيينًا يصير ما لهم إليه من الانبعاث كالأمر {أحلامهم} أي عقولهم التي يزعمون أنهم اختصوا بجودتها دون الناس بحيث إنه كان يقال فيهم أولو الأحلام والنهى، فأزرى الله تعالى بعقولهم حين لم تتم لهم معرفة الحق من الباطل وذلك أنّ الأشياء لا يعبأ بها إلا إن تزينت بعقل أو نقل فقال: هل ورد أمر سمعي أم عقولهم تأمرهم {بهذا} أي: قولهم له ساحر كاهن مجنون وقيل: إلى عبادة الأوثان، وقيل: إلى التربص أي لا تأمرهم بذلك {أم} أي بل {هم} بظواهرهم وبواطنهم {قوم} ذوو قوة على ما يحاولونه فهم لذلك {طاغون} أي: مفترون ويقولون ما لا دليل عليه سمعًا ولا مقتضى له عقلًا، والطغيان مجاوزة الحدّ في العصيان وكذلك كل شيء مكروه ظاهر قال تعالى: {لما طغى الماء}.
تنبيه:
اعلم أنّ قوله تعالى: {أم تأمرهم} متصل تقديره: أأنزل عليهم ذكر أم تأمرهم أحلامهم بهذا، وفي هذه الآية إشارة إلى أنّ كل ما لا يكون على وفق العقل لا ينبغي أن يقال، وإنما ينبغي أن يقال ما يجب قوله عقلًا والأحلام جمع حلم وهو العقل فهما من باب واحد من حيث المعنى، لأنّ العقل يضبط المرء فيكون كالبعير المعقول لا يتحرّك من مكانه والحلم من الاحتلام وهو أيضًا سبب وقار المرء وثباته لأنّ الحلم في أصل اللغة هو ما يراه النائم فينزل ويلزم الغسل الذي هو سبب البلوغ وعنده يصير الإنسان مكلفًا، فالله تعالى من لطيف حكمته قرن الشهوة بالعقل وعند ظهور الشهوة يكمل العقل ويكلف صاحبه فأشار تعالى إلى العقل بالإشارة إلى ما يقارنه وهو الحلم ليعلم أنه يريد به كمال العقل.
{أم يقولون} ما هو أفحش عارًا من التناقض {تقوله} أي: تكلف قوله من عند نفسه كذبًا وليس بشعر ولا كهانة ولا جنون وهم على كثرتهم وإلمام بعضهم بالعلم وعراقة آخرين في الشعر والخطب والترسل والسجع يعجزون عن مثله بل عن مثل شيء منه.
تنبيه:
التقول تكلف القول ولا يستعمل إلا في الكذب وهذا أيضًا متصل بقوله تعالى: {أم يقولون شاعر} تقديره أم يقولون شاعر أم يقولون تقوله والمعنى ليس الأمر كما زعموا {بل لا يؤمنون} بالقرآن استكبارًا.
ثم ألزمهم الحجة وأبطل جميع الأقسام.
فقال عز من قائل: {فليأتوا} أي: على أيّ تقدير أرادوه {بحديث} أي: كلام مفرق مجدّد إتيانه مع الأزمان {مثله} أي القرآن في البلاغة وصحة المعاني والإخبار بالمغيبات مما كان أو يكون على ما هي عليه لا نكلفهم أن يأتوا به جملة.
فإن قيل: الصفة تتبع الموصوف في التعريف والتنكير، والموصوف هنا حديث وهو منكر ومثله مضاف إلى القرآن والمضاف إلى القرآن معرّف فكيف هذا. أجيب: بأنّ مثلًا وغيرًا لا يتعرّفان بالإضافة وذلك أن غيرا ومثلًا وأمثالهما في غاية التنكير لأنك إذا قلت: مثل زيد يتناول كل شيء فإنّ كل شيء مثل زيد في شيء فالحمار مثله في الجسم والحجم والإمكان، والنبات مثله في النموّ والنشء والذبول والفناء، والحيوان مثله في الحركة والإدراك وغيرهما من الأوصاف وأمّا غير فهو عند الإضافة ينكر وعند قطع الإضافة ربما يتعرف فإنك إذا قلت: غير زيد صار في غاية الإبهام فإنه يتناول أمورًا لا حصر لها وأما إذا قطعت غير عن الإضافة فربما يكون الغير والمغايرة من باب واحد وكذلك التغير فتجعل الغير كأسماء الأجناس وتجعله مبتدأ أو تريد به معنى معينًا.
تنبيه:
قالت المعتزلة: الحديث محدث والقرآن سماه حديثًا فيكون محدثًا، وأجيبوا: بأنّ الحديث اسم مشترك يقال للمحدث والمنقول ولهذا يصح أن يقال هذا حديث قديم أي متقادم العهد لا بمعنى سلب الأولية وذلك لانزاع فيه. قال بعض العلماء: وهذا أمر تعجيز، قال الرازي: والظاهر أنّ الأمر هاهنا على حقيقته لأنه لم يقل ائتوا مطلقًا بل قال تعالى: {إن كانوا} أي: كونًا هم راسخون فيه {صادقين} أي: في أنه تقوله من عند نفسه كما يزعمون فهو أمر معلق على شرط إذا وجد ذلك الشرط يجب الإتيان به وأمر التعجيز كقوله تعالى: {فإنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر} (البقرة).
وفي هذا تشنيع عليهم سواء ادعوا أنه مجنون أم شاعر أم كاهن أم غير ذلك، لأنّ العادة تحيل أن يأتي واحد من قوم وهو مساو لهم بما لا يقدرون كلهم على مثله، والعاقل لا يجزم بشيء إلا وهو عالم به ويلزم من علمهم بذلك قدرتهم على مثل ما يأتي به، فإنه صلى الله عليه وسلم مثلهم في الفصاحة والبلد والنسب وبعضهم يزيد عليه بالكتابة وقول الشعر ومخالطة العلماء ومزاولة الخطب والرسائل وغير ذلك فلا يقدر على ما يعجزون عنه إلا بتأييد إلهي وهو المراد من تكذيبهم.
{أم خلقوا} أي: وقع خلقهم على هذه الكيفية المتقنة {من غير شيء} أي: خالق خلقهم فوجدوا بلا خالق وذلك مما لا يجوز أن يكون لأنّ تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق {أم هم الخالقون} لأنفسهم وذلك في البطلان أشدّ، لأنّ ما لا وجود له كيف يخلق فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأنّ لهم خالقًا وهو الله تعالى فلم لا يوحدنه ويؤمنون به وبرسوله وبكتابه وقال الزجاج: معناه أخلقوا باطلًا لا يحاسبون ولا يؤمنون وقال ابن كيسان: أخلقوا عبثًا وتركوا سدى لا يؤمرون ولا ينهون كقول القائل: فعلت كذا وكذا من غير شيء، أي: لغير شيء أم هم الخالقون لأنفسهم فلا يجب عليهم لله أمر. وقيل: معناه أخلقوا من غير أب وأم.
تنبيه:
لا خلاف أنّ أم هنا ليست بمعنى بل لكن أكثر المفسرين على أن المراد ما يقع في صدر الكلام من الاستفهام بالهمزة كأنه يقول اخلقوا من غير شيء قال الرازي: ويحتمل أن يقال هو على أصل الوضع للاستفهام الذي يقع في أثناء الكلام وتقديره: أخلقوا من غير شيء أم هم الخالقون.
{أم خلقوا} أي: على وجه الشركة {السموات والأرض} فهم بذلك عالمون بما فيهما على وجه الإحاطة واليقين، حتى علموا أنك تقولته ليصير لهم ردّه والتهكم عليه {بل لا يوقنون} أي: ليس لهم نوع يقين وإلا لآمنوا برسوله وكتابه.
{أم عندهم} أي: خاصة دون غيرهم {خزائن ربك} أي: المحسن إليك بإرسالك فيعلموا أنّ هذا الذي أتيت به ليس من قول الله تعالى فيصح قولهم إنك تقولته {أم هم} أي: لا غيرهم {المسيطرون} أي: الرقباء الحافظون المتسلطون الجبارون الرؤساء الحكام الكتبة ليكونوا ضابطين للأشياء كلها، كما هو شأن كتاب السرّ عند الملوك فيعلمون أنك تقولت هذا الذكر لأنهم لم يكتبوا به إليك.
{أم لهم سلم} يصعدون به إلى السماء {يستمعون} أي: يتعمدون السماع لكل ما يكون فيها ومنها {فيه} أي: صاعدين في ذلك السلم إلى كلام الملائكة وما يوحي إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن {فليأت مستمعهم} أي: مدعي الاستماع {بسلطان مبين} أي: بحجة بينة واضحة.
ولشبه هذا الزعم زعمهم أنّ الملائكة بنات الله قال تعالى: {أم له البنات} أي: بزعمكم {ولكم البنون} أي: خاصة لتكونوا أقوى منه فتكذبوا رسوله صلى الله عليه وسلم وتردوا قوله من غير حجة فتكونوا آمنين من عذاب يأتيكم منه لضعفه وقوّتكم.
{أم تسألهم} أي: أيها الطاهر الشيم البعيد عن مواقع التهم {أجرًا} على إبلاغ ما أتيتهم به {فهم من مغرم} أي: غرم لك ولو قلّ، والمغرم التزام ما لا يجب {مثقلون} فهم لذلك يكذبون من كان سببًا في هذا الثقل بغير مستند ليستريحوا مما جره لهم من الثقل.
{أم عندهم} أي: خاصة بهم {الغيب} أي: علم ما غاب عنهم {فهم يكتبون} أي: يجدّدون للناس كتابة جميع ما غاب عنهم مما ينفعهم ويضرّهم حتى يحسدوك فيما شاركتهم به منه فيردوه لذلك وينسبوك إلى ما نسبوك إليه مما يعلم كل أحد نزاهتك عنه وبعدك منه. وقال ابن عباس معناه أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون الناس به. واللام في الغيب لا للعهد ولا لتعريف الجنس بل المراد نوع الغيب، كما تقول اشتر اللحم تريد بيان الحقيقة لا كل لحم ولا لحمًا معينًا.
{أم يريدون} أي: بهذا القول الذي يرمونك به {كيدًا} أي: مكرًا وضررًا عظيمًا ليهلكوك به {فالذين كفروا} وكان الأصل فهم، ولكنه قال تعميمًا وتعليقًا للحكم بالوصف {هم} أي خاصة {المكيدون} أي: المغلوبون المهلكون فإنهم مكروا به في دار الندوة فحفظه الله تعالى منهم ثم أهلكهم ببدر عند انتهاء سنين عدتها عدّة ما هنا من أم وهي خمس عشرة مرة، لأنّ بدرًا كانت في الثانية من الهجرة وهي الخامسة عشر من النبوّة فقد سبب الله تعالى فيها من الأسباب ما أوجب سعيهم إلى هلاكهم بأمور خارقة للعادة، فلو كانت لهم بصائر لكفتهم في الهداية والردّ عن الضلالة والغواية.
{أم لهم إله} أي: يمنعهم من التصديق بكتابنا أو يستندون إليه للأمان من عذابنا {غير الله} أي: الذي أحاط بجميع صفات الكمال {سبحان الله} الملك الأعظم الذي تعالى عن أن يداني جنابه شائبة نقص {عما يشركون} من الأصنام وغيرها.
تنبيه:
الاستفهام بأم في مواضعها للتقبيح والتوبيخ، ولما بين تعالى فساد أقوالهم وسقوطها أشار إلى أنهم لم يبق لهم عذر فإنّ الآيات والحجج قد ظهرت ولم يؤمنوا فبعد ذلك استحقوا الانتقام.
وقوله تعالى: {وإن يروا} أي: معاينة {كسفًا} أي: قطعة وقيل قطعًا واحدتها كسفة مثل سدرة وسدر {من السماء} جهارًا نهارًا {ساقطًا يقولوا} جواب لقولهم فأسقط علينا كسفًا من السماء كأن الله تعالى يقول لو عذبناهم بسقوط قطعة من السماء عليهم لم ينتهوا عن قولهم ويقولون لمعاندتهم: هذا {سحاب} فإن قيل لهم هو مخالف للسحاب بصلابته وغلظته قالوا {مركوم} أي: مركب بعضه على بعض فتلبد وتصلب.
وقوله تعالى: {فذرهم} أي: اتركهم على شر أحوالهم كقوله تعالى: {فأعرض عنهم} (السجدة).
وقوله تعالى: {فتول عنهم} (الصافات).
إلى غير ذلك فقيل: كلها منسوخة بآية القتال قال ابن عادل وهو ضعيف وإنما المراد التهديد كقول السيد لعبده الجاني لمن يصحبه دعه فإنه سينال جنايته {حتى يلاقوا يومهم الذي فيه} أي: لا في غيره لأنّ ما حكمنا به لا يتقدم ولا يتأخر {يصعقون} أي: يموتون من شدة الأهوال وعظم الزلزال كما صعق بنو إسرائيل في الطور، ولكن لا نقيمهم كما أقمنا أولئك إلا عند النفخ في الصور لنحشرهم للحساب الذي يكذبون به.
قال البقاعي: والظاهر أنّ هذا اليوم يوم بدر فإنهم كانوا قاطعين بالنصر فيه فما أغنى أحد منهم عن أحد شيئًا كما قال أبو سفيان بن الحارث: ما هو إلا أنا ألقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاؤوا ويأسروننا كيف شاؤوا.
وقوله تعالى: {يوم لا يغني} أي: بوجه من الوجوه بدل من يومهم {عنهم كيدهم} أي: الذي يرمونه بهذه الأقوال المتناقضة {شيئًا} من الإغناء في دفع شيء يكرهونه من الموت ولا غيره كما يظنون أنه يغني عنهم في غير ذلك من أحوال هذه الدار {ولا هم ينصرون} أي: يتجدد لهم نصر ما في ساعة ما يمنعهم من العذاب.
وقوله تعالى: {وإنّ للذين ظلموا} يجوز أن يكون من إيقاع الظاهر موضع المضمر وأن لا يكون، والمعنى: وإنّ للذين أوقعوا الأشياء في غير مواقعها كما يقولونه في القرآن ويفعلونه من العصيان ويعتقدونه من الشرك والبهتان {عذابًا دون ذلك} أي: غير عذاب ذلك اليوم قال ابن عباس: يعني القتل يوم بدر وقال الضحاك: هو الجوع والقحط سبع سنين وقال البراء بن عازب: عذاب القبر، والآية تحتمل هذه المعاني كلها {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} أن العذاب نازل بهم.